هل الميت يعذب ببكاء أهله عليه
هل الميت يعذب ببكاء أهله عليه ؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد…
فإن البكاء على الميت جائز إذا لم يصحبه نياح أو اعتراض على قضاء الله وقدره .
ولقد بكى النبي صلى الله عليه وسلم عندما مات ولده سيدنا ابراهيم وقال : «إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون» صحيح البخاري (2/ 83) .
وبكى أيضا صلى الله عليه وسلم عندما أتاه خبر موت سيدنا جعفر بن أبى طالب ومن كان معه في الغزوة .
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ – وَإِنَّ عَيْنَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَتَذْرِفَانِ ) . صحيح البخاري (2/ 72) .
وبكى أيضا عندما مات سيدنا عثمان بن مظعون ، فعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَهُوَ مَيِّتٌ وَهُوَ يَبْكِي، أَوْ قَالَ: عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ ) .سنن الترمذي (2/ 305) .
أما حديث أَنَّ حَفْصَةَ بَكَتْ عَلَى عُمَرَ، فَقَالَ: مَهْلًا يَا بُنَيَّةُ أَلَمْ تَعْلَمِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» صحيح مسلم (2/ 638) ، فهو محمول على إذا ما أوصى الميت بذلك .
قال الإمام السيوطي :
(إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه قال النووي تأوله الجمهور على أن من أوصى بأن يبكى عليه ويناح بعد موته وكان من عادة العرب الوصية به قال : وأجمعوا على أن المراد بالبكاء البكاء بصوت ونياحة لا بمجرد دمع العين يعذب في قبره بما نيح عليه ).
فتأولها الجمهور على من وصى بأن يبكى عليه ويناح بعد موته فنفذت وصيته فهذا يعذب ببكاء أهله عليه ونوحهم ؛ لأنه بسبه ومنسوب إليه قالوا فأما من بكى عليه أهله وناحوا من غير وصية منه فلا يعذب لقول الله تعالى ولا تزر وازرة وزر أخرى قالوا وكان من عادة العرب الوصية بذلك ومنه قول طرفة بن العبد :
إذا مت فانعينى بما أنا أهله … وشقي على الجيب يا ابنة معبد .
قالوا فخرج الحديث مطلقا حملا على ما كان معتادا لهم ) شرح السيوطي على مسلم (3/ 16) .
وعليه : فلا بأس بالبكاء على الميت ،و أن الميت لا يعذب ببكاء أهله عليه إلا إذا أوصى بذلك .
نسأل الله – تعالى – أن يفقهنا في ديننا .
وبهذا يُعلم الجواب إذا كان الحالُ كما وَرَدَ بالسؤال، والله تعالى أعلى وأعلم .
تعليقات
إرسال تعليق