حكم قول كلمة علىّ الطلاق
حكم قول كلمة (علىّ الطلاق)؟
سؤال أجاب عنه مركز الأزهر العالمي للفتوي الإليكترونية قائلاً :
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم ، وبعد…
فعند النظر والتدقيق في أقوال الفقهاء والعلماء في هذه المسألة، نجد أن أغلبهم قد حكم بأن صيغة (علىَّ الطلاق) من الألفاظ الصريحة للطلاق، ولكنهم عللوا هذا الحكم بعرف الناس في زمانهم، وقالوا: إن الناس يعتبرون هذا اللفظ من صريح الطلاق، وهو لا يستعمل إلا في الطلاق.
ولما تغير الزمان واختلفت عادات الناس، غَيّر الفقهاء الحكم في هذه المسألة تبعًا لأحوال الناس وأعرافهم، ومن هنا نجد بعضًا من أئمة المذاهب الفقهية خالفوا الحكم المعتمد في هذه المسألة؛ لاختلاف أعراف الناس في لفظ ( علىّ الطلاق)، فبعضهم أفتى بأنه من ألفاظ الكنايات، وبعضهم أفتى بأنه من ألفاظ اليمين ولا علاقة له بالطلاق.
يقول الإمام ابن عابدين- رحمه الله: وقوله – أي قول الإمام الحصفكي: فيقع بلا نية للعرف [أي: علىّ الطلاق] أي: فيكون صريحًا لا كناية، بدليل عدم اشتراط النية… وإنما كان ما ذكره صريحًا؛ لأنه صار فاشيًا في العرف في استعماله في الطلاق لا يعرفون من صيغ الطلاق غيره ولا يحلف به إلا الرجال، وقد مر أن الصريح ما غلب في العرف استعماله في الطلاق بحيث لا يستعمل عرفًا إلا فيه من أي لغة كانت، وهذا في عرف زماننا كذلك فوجب اعتباره صريحًا، كما أفتى المتأخرون في أنت علىّ حرام بأنه طلاق بائن للعرف بلا نية مع أن المنصوص علىه عند المتقدمين توقفه على النية.
وعلى هذا يحمل ما أفتى به العلامة أبو السعود أفندي مفتي الروم، من أن علىّ الطلاق أو يلزمني الطلاق ليس بصريح ولا كناية: أي لأنه لم يتعارف في زمنه، ولذا قال المصنف في منحه: أنه في ديارنا صار العرف فاشيًا في استعماله في الطلاق لا يعرفون من صيغ الطلاق غيره فيجب الإفتاء به من غير نية… وإفتاء أبي السعود مبني على عدم استعماله في ديارهم في الطلاق أصلًا. [رد المحتار على الدر المختار(حاشية ابن عابدين )، ( 3/ 252)].
ومن هنا نفهم أن حكم الفقهاء في هذه المسألة يختلف باختلاف أعراف الناس وتقاليدهم، وفي هذا الزمان نجد الناس يكثرون من قول (علىّ الطلاق) ومرادهم اليمين لا الطلاق، وهذا ما نظر إليه المشرع المصري فاعتبر أن هذا اللفظ من الأَيمْان ولا علاقة له بالطلاق، وأنه يمين لغو، حيث جاء في المذكرة الإيضاحية لقانون الأحوال الشخصية في تفسير المادة الثانية من قانون رقم 25 لسنة 1929 م: ويمين الطلاق لاغٍ.
وهذا عملًا بما جاء في مذهب الظاهرية، حيث يقول الإمام ابن حزم الظاهري- رحمه الله- في المحلَّى: واليمين بالطلاق لا يلزم -سواء بر أو حنث- لا يقع به طلاق. [ المحلى بالآثار (9/ 476)]
كما لا يفوتنا في النهاية أن نوضح للسائل الكريم أن الحلف بالطلاق مخالفٌ لشريعة الإسلام؛ حيث أخرج الإمام البخاري -رحمه الله- في صحيحه -بسنده- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ- أي ابن عمر رضى الله عنه : أَنَّ النَّبِيَّ صل الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَانَ حَالِفًا، فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ». [ صحيح البخاري، 2679 (3/ 180)]
وننصحه بأن الحلف بالطلاق قد يؤدي إلى دمار البيت وهلاك الأسرة، فإذا اضطر للحلف فليحلف بالله عز وجل أو ليترك الحلف، والترك أولى. نسأل الله لكم الصلاح والفلاح في الدنيا والآخرة، والله تعالى أعلى وأعلم.
أجاب عنها مركز الأزهر العالمي للفتوي الإليكترونية.
تعليقات
إرسال تعليق